حرمة الدعاء لفلسطين في موسم الحجّ!
[ad_1]
في مسجد قُباء في المدينة المنوّرة، أوّل مسجد بناه المسلمون، بعد هجرتهم إلى المدينة المنوّرة، حذّر خطيب يوم الجمعة الأخير، بأنّ هناك من يأتون إلى الحجّ، وبدعائهم السياسيّ يفسدون الهدف الّذي جاؤوا من أجله، وهو التقرّب إلى اللّه عزّ وجلّ.
ووصف الدعاء لأهل فلسطين وخصوصًا في قطاع غزّة، بأنّه خارج عن الهدف الّذي يقصده المسلم عند خروجه من بيته، وهو فريضة الحجّ، وحذّر من أنّ هناك من يريد محاربة العدوّ بالدعاء في بلد ليس بلده، وقال إنّ الدعاء يجب أن يقتصر على مناسك العبادة، بمعنى أنّ الدعاء لأهل فلسطين هو اعتداء على خصوصيّة النظام وأرضه، وخروج عن طاعة وليّ الأمر.
أمّا في خطبة يوم عرفة، فقد حذّر الخطيب من الشعارات السياسيّة، الّتي تخصّ الوضع في قطاع غزّة وفلسطين، ولكنّه في نهاية خطبته دعا لأهل غزّة بالأمن والطمأنينة، ودعا اللّه أن ينقذ المسجد الأقصى.
هذه التوجيهات الموصى بها “من فوق” تقول ببساطة ووضوح إنّ الدعاء لفلسطين يتناقض مع السياسة الرسميّة لآل سعود، ولو أنّ الدعاء التقى بسياسة آل سعود وموقفهم لما اعترض عليه خطباء مكّة والمدينة، بل كانوا باركوا الدعاء، وبادروا هم إليه، ما دام أنّه يرضي وليّ الأمر، إلّا أنّهم يخشون تحوّل الدعاء إلى صرخة توقظ مئات ملايين من المسلمين للتصدّي للمجزرة المستمرّة في قطاع غزّة.
نصرة المظلوم بديهة من ركائز الدين الإسلاميّ، وتقويم الاعوجاج مطلوب، بل إنّه من أساسيّات الدين، وجاء في الحديث الشريف: من رأى منكم منكرًا فليقومه بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان”.
الدعاء لأهل فلسطين وغزّة، ليس خارجًا عن غايات الدين، بل هو في صلبه، بل إنّ عدم الدعاء لأهل فلسطين وأهل قطاع غزّة في هذه الظروف هو نقص في الدين.
ما تقيّأ به شيوخ آل سعود ليس جديدًا، فمهمّة شيوخ السلطان هي السعي إلى تفريغ الدين من مضمونه إذا ما تعارض مع سياسة الحاكم، هذه وظيفتهم الأساسيّة.
تسعى الأنظمة إلى تجيير العقيدة الدينيّة لصالح السياسة، ليتحوّل الدين في خدمة الحاكم، وليس كما يدّعي شيوخ السلطان بأنّ الدين محايد، فهم يريدون الدين حياديًّا عندما يحثّ على التصدّي للظلم ونصرة الضعفاء.
يتظاهر الحاكم بتقوى اللّه فيحرص على الظهور في المناسبات الدينيّة مثل صلاة الجمعة والأعياد، أو أداء مناسك الحجّ أو العمرة كما فعل عبد الفتّاح السيسي الّذي صار اللواء الحاجّ عبد الفتّاح السيسي، كي يتسنّى لهم محاربة المعارضين باسم إقامة شريعة اللّه في الأرض، بل ومحاربة أولئك الّذين يحاربون الفساد في النظام الفاسد، ودمغهم بتهمة الإرهاب، فالدين يصبح إرهابًا إذا تعارض مع السلطة، وإذا كان مع السلطة، فهو طاعة لأولي الأمر وتقرّبًا من اللّه.
إضافة إلى المناسك الدينيّة والعبادات هناك من يضع نفسه في هالة مقدّسة مثل الانحدار من آل البيت أو تلقيب نفسه بخليفة المسلمين، وهذا يمنح النفاق للنظام غطاء دينيًّا.
يسعى رجال الدين الّذي يضربون بسيف السلطان إلى تخويف الشعب من أيّ عمل ضدّ الحاكم والنظام، ويضربون مثلًا من القرآن الكريم “وضرب اللّه مثلًا قرية كانت آمنة مطمئنّة يأتيها رزقها رغدًا من كلّ مكان، فكفرت بأنعم اللّه، فأذاقها اللّه لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون”. وهو تهديد ووعيد يستخدمه شيوخ الأنظمة ليس ضدّ الفاسدين والمفسدين والمبذّرين والمنحرفين في السلطة الّذين يخرّبون البلد، ولا ضدّ المجرمين، بل هو تهديد للشعب بحرمانه من الحياة الطيّبة الرغيدة، وتخريب بيوت أولئك الّذين يرفعون أصواتهم ضدّ السلطة، هذا التهديد مغلّف بالآية القرآنيّة الشريفة الّتي يجرفونها عن مقصدها، ليجعلوها من تهديد للفاسدين إلى تهديد وسيف مسلّط فوق رقاب الناس المعارضين أو المتذمّرين من السلطة.
إحدى المهامّ المنوطة بشيوخ السلطة، هي تضليل الشعوب وإيهامها بأنّ الحاكم أو النظام هو اختيار اللّه لهم، وعليهم الرضى وطاعته “وليّ أمرهم”، فالحاكم هو وليّ أمر الشعب، ومن يسعى إلى وليّ أمر آخر فقد كفر، وإذا كان المعارض تقيًّا ورجل دين، اتّهموه بالزندقة، والوقوع تحت سيطرة الشيطان والأعداء.
الحقيقة أنّ من يمارس دور الزنديق والشياطين، هم الحكّام وشيوخهم الّذين يظهرون التقوى والإيمان كذبًا، ويقيمون في الواقع خفيّة أو علنًا، تحالفات مع من يقتلون المسلمين، ويدمّرون قراهم ومدنهم وبيوتهم ويجوعونهم، وفي الوقت الّذي حرموا فيه الدعاء لفلسطين، كان يجتمع فيه المنامة قادة جيوش مصر وإسرائيل والأردنّ والسعوديّة والإمارات برعاية أميركيّة، وذلك استمرارًا للتعاون العسكريّ بين هذه الجيوش، وتأكيدًا من هذه الأطراف العربيّة، لسيّدهم الأميركيّ، وطمأنة لشريكهم الإسرائيليّ، بأنّ ما يجري في قطاع غزّة، لم ولن يؤثّر في التعاون العسكريّ بين هذه الأطراف وإسرائيل، برعاية أميركا الشريكة في حرب الإبادة.
[ad_2]
Source link